recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

وزان: تاريخ وحضارة

 

 وزان: تاريخ وحضارة

وزان: تاريخ وحضارة
وزان: تاريخ وحضارة

 تقع مدينة وزان  في شمال غرب البلاد على سفوح جبال الريف المغربي وعلى الضفة الجنوبية لوادي لوكوس ، تعتبر عاصمة إقليم وزان الذي تم إحداثه في عام 2009 ضمن جهة طنجة تطوان الحسيمة، بعد أن كانت تابعة لإقليم سيدي قاسم ضمن جهة الغرب شراردة بني حسين، وتتميز بتراثها الثقافي والتاريخي الغني. تعتبر مدينة وزان من أقدم المدن المغربية، وقد شهدت على مر العصور مراحل مهمة في تاريخ المغرب. في هذه المقالة، سنتعرف على أصل تسمية المدينة، وتاريخ تأسيسها، وسبب اختيارها كدار الضمانة.


أصل تسمية مدينة وزان

إقليم وزان المغربي

في التقسيم الإداري الجديد 2015 تندرج وزان ضمن خطوط الطول 48°34’ شمالا والعرض 5°35’ غربا، وتمتد على الحدود الجنوبية لسلسلة جبال الريف. شهدت المدينة يوماً تاريخياً في 6 مارس 2010، حيث تم تنصيب أول عامل للعمالة الجديدة، وهو السيد محمد طلابي. وقد ألقى السيد محمد سعد العلمي، الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بتحديث القطاعات العامة، كلمة هامة في هذه المناسبة، أكد فيها أن ترقية وزان إلى عمالة تأتي في إطار سياسة القرب والمصالحة التي يتبناها الملك محمد السادس، والتي تهدف إلى توفير الظروف والإمكانيات اللازمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستثمار في إقليم غني بالموارد والثروات التي لم تستغل بالشكل المطلوب.

تاريخ تأسيس المدينة 

ليس هناك تحديد دقيق لتاريخ نشأة مدينة وزان، بسبب ندرة المصادر والوثائق التاريخية المتعلقة بها. لكن هناك ثلاث روايات متناقضة حول هذا الموضوع.

الرواية الأولى تعود إلى التقاليد الشفوية، وتزعم أن وزان تأسست في العصر الروماني، وأن اسمها مشتق من اسم ولي عهد أحد الأباطرة الرومان، وهو “أوزينوس”. وتضيف أن وزان كانت تشكل جزءاً من الطريق التجاري بين طنجة ووليلي.

الرواية الثانية وردت في كتاب “الروض المنيف” للمؤلف أبو العباس أحمد بن خلدون، وتشير إلى أن مئذنة المسجد الأعظم بوزان هي من بناء موسى بن نصير، الفاتح الأموي لشمال أفريقيا، وهذا يدل على أن المدينة كانت موجودة في ذلك الزمن، ويستنتج منها أن وزان تأسست في العصر الأموي.

الرواية الثالثة جاءت في كتاب “دعامة اليقين” للمؤلف أبي القاسم العزفي (توفي سنة 633هـ)، وتقول أن أحد التلاميذ الروحانيين للشيخ سيدي أبي يعزي يلنور (المعروف بمولاي بوعزة) كان يخطب في مسجد وزان، وهذا في القرن السادس الهجري.

هذه الروايات، سواء الشفوية أو الكتابية، تبين أن وزان لها جذور تاريخية عريقة، لكن لا يمكن تحديد تاريخ تأسيسها بدقة إلا بالاستعانة بمزيد من البحوث والدراسات.

ماهو أصل تسمية المدينة؟

 هناك ثلاث روايات مختلفة حول أصل تسمية مدينة وزان، وهي كالتالي:

  • الرواية الأولى تقول أن الاسم لاتيني، وأنه مشتق من اسم ولي عهد روماني، وهو “أوزينوس”، كما ذكرنا آنفا.
  •  الرواية الثانية تقول أن الاسم عربي، وأنه مأخوذ من كلمة “الوزان”، وهو اسم شخص يدعى عبد السلام، كان يملك موازين للتجارة في مدخل المدينة، في المكان الذي يسمى الآن الرمل. وكان التجار يلجؤون إليه لوزن بضائعهم وسلعهم، فسمي بالوزان، ومنه انتقل الاسم إلى المدينة. والدليل على ذلك أن وزان تشتهر بصناعة الصوف، وأن جلبابها يعتبر من أفضل الجلابيب في المغرب.
  • لرواية الثالثة تقول أن الاسم مختصر من كلمة “واد الزين” أو “واد زاز”، وهو اسم نهر صغير يجري في الجبال الشمالية للمدينة، والتي تتميز بجمالها الطبيعي الساحر

تسمية دار الضمانة

 لقد عرفت مدينة وزان عبر التاريخ بتسميات عدة كما جاء في كتاب «قليل من كثير عن تاريخ وزان» لمؤلفه المشيشي، سميت ب «زاوية وزان» ونجد دلك في بعض الوثائق العدلية، تارة حملت المدينة اسم «دار وزان»، وتارة كتبها بعض المؤرخين «بوزان» أي بألف الحمل بعد الواو. ولكن مدينة الشرفاء كثيرا ما اشتهرت «بدار الضمانة»، . وهذا اللقب يعكس الدور الذي لعبته المدينة في حماية الحقوق والحريات والكرامة الإنسانية. فقد كانت مدينة وزان ملاذا للمظلومين والمضطهدين والمحكومين عليهم بالظلم، الذين كانوا يجدون فيها الأمان والرحمة والعفو. وقد اشتهرت المدينة بالضمانة في العهد العلوي، عندما كانت تحت حماية الشريف مولاي عبد الله، الذي كان يمنع السلطات من الاعتداء على أهلها أو القبض عليهم. وقد استمرت هذه الحالة حتى العهد الفرنسي، الذي حاول فرض سيطرته على المدينة، ولكنه لم ينجح في ذلك بسبب المقاومة الشعبية والروحية التي كانت تميز أهل وزان.


تاريخ وتأثير الزاويةالوزانية

هي زاوية صوفية شادلية أسسها الشريف الإدريسي مولاي عبد الله الشريف بن إبراهيم في مدينة وزان في النصف الأول من القرن السابع عشر الميلادي. وهي زاوية اشتهرت بتعاليمها الصوفية ونشاطاتها العلمية والثقافية والسياسية، وانتشرت في أرجاء المغرب وشمال أفريقيا وبلاد الشرق، وأنجبت علماء ومريدين ومجاهدين في مختلف العصور.

مؤسس الزاوية الوزانية

مولاي عبد الله الشريف هو ، ومن أقطاب الصوفية في العالم الإسلامي الغربي. ولد في سنة 1579م في تزروت بقبيلة بني عروس، ونشأ يتيما في سن مبكرة، فكفله أعمامه الشرفاء الريسيونيونيون، وعلموه القرآن الكريم ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف. ثم عهده إلى الوالي الصالح سيدي علي بن أحمد الكرفطي بجبل الصرصار، فلقنه الطريقة الجازولية الشادلية. ثم التحق بتطوان ثم بفاس لطلب العلم، وتلمذ على يد علماء ورجال التصوف، مثل العالم الصوفي المرموق سيدي محمد بن علي ابن عطية الزناتي. ثم رجع إلى مدشر سكرة بامزفرون، وأقام به عبد ربه حتى أتاه اليقين. فظهر له في حلم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره بالدخول في شؤون الدنيا حتى يكون أكثر نفعا لبني البشر. فتقرب من وزان، وجعل من مدشر ميقال خلوة له. ثم التحق بوزان، وأسس زاوية كتب الله أن يذيع صيتها في أرجاء المملكة المغربية، وحتى في شمال أفريقيا وبلاد الشرق. وتوفي في سنة 1678م، ودفن بوزان.

اين يتجلى تأثير الزاوية الوزانية ؟

لقد كانت الزاوية الوزانية مركزاً للعلم والمعرفة والتصوف في مدينة وزان، ومنها انطلقت إلى العالم الإسلامي. وقد تركت الزاوية الوزانية أثراً كبيراً في مختلف المجالات، منها:

  • العلم والثقافة: فقد أنشأت الزاوية الوزانية مكتبة ضخمة تضم مخطوطات ومؤلفات مهمة في علوم مختلفة وفنون معرفية متنوعة، والتي تعود إلى شيوخ الزاوية أنفسهم أو إلى العلماء والمريدين الذين تربوا في حضن الزاوية ونهلوا من حياضها وتتلمذوا على شيوخها. ومن هؤلاء الأعلام نذكر: أبو محمد عبد الله بن الحسن الجنوي (ت1200هـ) دفين بمدينة مراكش، والشيخ الفقيه محمد الرهوني (ت1230هـ) دفين وزان، والفقيه المالكي ابن الخضر الوزاني (1342هـ) دفين فاس، وأخوه العلامة الفقيه سيدي عبد الله بن محمد بن الخضر الوزاني (1360هـ) دفين وزان.

  • السياسة والمجاهدة: فقد كانت الزاوية الوزانية داعمة للمقاومة والمجاهدة ضد الاستعمار والظلم في مختلف العصور، وكانت تحترم قدسية الزوايا والأضرحة التي كانت توفر الحرمة والضمانة لمن يلجأ إليها. ومن أمثلة ذلك، لجوء المجاهد الريفي عبد الكريم الخطابي إلى الزاوية الوزانية بسنادة بالريف في سنة 1926م، تحت حرمة وضمانة الشريف البركة سيدي احميدو الوزاني، الذي توسط في المفاوضات بين القوات الفرنسية وزعماء الثورة الريفية. وكذلك، اعتكاف بعض قادة الثورات بضريح مولاي إدريس بفاس وزرهون، واحتماء بعض الملوك العلويين الغاضبين بضريح مولاي عبد السلام بن مشيش.

في ختام هذه المقالة، نرجو أن نكون قد ألقينا بعض الضوء على مدينة وزان، والتي تعد من المدن المغربية التي تحمل في طياتها تاريخا وحضارة عريقة. ونتمنى أن تكون قد نالت إعجابكم واستحسانكم ورضاكم.

عن الكاتب

blog eova3

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

blog eova3 ar